السبت، 8 غشت 2009


« أزرق سماوي » أول ديوان شعري لريم نجمي.. جدول رقراق من نبع عين صافية
ل. العسبي




جاءتني رسالة البارحة، لا اسم فيها لباعثها، ربما كي تحقق المراد أكثر في المفاجأة الجميلة. فتحت الرسالة، كي أجد كلمات طيبة في حقي، مرفوقة بديوان شعر.. ممن؟!، من شابة، أكاد أعرف تفاصيل نموها الوئيد الهادئ في الحياة منذ رأت النور، فكانت سعادتي بلاضفاف، مثل السعادة التي تكون لأب بإزاء ابنته. فهاهي ريم نجمي، إبنة الشاعرين الزوجين، رفيقي درب بعضهما منذ ذاك الزمن الجميل لكراسي الدراسة بإحدى ثانويات مدينة ابن احمد في نهاية السبعينات من القرن الماضي، حسن نجمي وعائشة البصري، تكتب إلي رسالة كي تقدم لي... ديوانها الشعري الأول، الذي اختارت له عنوان « أزرق سماوي ». هاهي ريم نجمي، تلك الصغيرة التي لا تزال صورتها عالقة بخيالي وهي في طريقها إلى مدرسة « البوسيني » التي تأسست بالدارالبيضاء سنة 1923، كبرت خلسة ونضجت وأصبحت تسبح في ذات بحر الكلمات التي أحسن ولداها السباحة فيها، وأصدرت ليس قصيدة واحدة، بل ديوانا شعريا جميلا، هو أول الخطو في مسيرة منذورة لأن تطول، خاصة بعد أن أصبحت ريم هادئة، صموتا، تتأمل العالم من مسافة إبداع خاصة، منذ ولجت إلى عالم الدراسات العليا في مجال الصحافة ( ذلك القدر الآخر الجميل الذي اتبعت فيه « حرفة والدها »، ليس لتكرر ذات تجربته بالضرورة، بل لتخلق قدرها الخاص فيها. القدر الذي قادها إلى أن تحوز بجدارة فرصة تدريب خاص بأكبر جرائد مصر والعالم العربي، يومية « الأهرام » القاهرية ).ديوان « أزرق سماوي » الذي أنجز غلافه الفنان التشكيلي المغربي عبد الله الحريري، والصادر ضمن منشورات الفرائد بالرباط، مهدى من الشاعرة إلى والدها حسن نجمي، كي تقول من خلال ذلك كل شئ. لأن الأب بالنسبة لابنته، ليس فقط ذاك الذي تعجب به، بل هو النموذج في الحياة وفي الإبداع، وهو الأستاذ الذي لا يجامل ولا ينسى كيف يحنو وكيف يبني المعاني الجميلة في خاطرها. وقصائد ريم نجمي، هي من ذات تجربة قصائد الهايكو اليابانية القصيرة، الشديدة التركيز والقوية النفاذ. لنقرأ هذه القصيدة نموذجا، التي هي بعنوان
« عطش الماء »:لا تجرد الماء من براءته

قد يعطش فيك الطفل،وتشيخ قطرة قطرة،

فيتبخر عمرك في جب لن تمر به السيارة..
الباب الخاطئ lA puerta falsa
منصف الوهايبي
(بني ملال/الرباط21/24مارس2008)

اليوم العالمي للشّعر في المغرب
جزء من مقال الاستاذ منصف الوهايبي
تَعَلَّمْ كَيْفَ تُمْسِكُ بالشَّمْسِ
لنْ أضيء العُمر كُلَّهُ،
لأدفئكَ.
ريم نجمي


مثلما تفتح"الطّريق الجديد" صفحاتها للكتّاب والقرّاء،بشتّى نوازعهم وميولهم؛أحاول في"الباب الخاطئ" هذه الفسحة المتاحة لي في بلد لا يزال يضيق بشعرائه"المختلفين"،أن أفسح لشعراء آخرين.وقد اخترت هذه المرّة ريم نجمي من المغرب.كان اللقاء مصادفة في بيت والدها بالرّباط حسن نجمي الشّاعر مدير بيت الشعر،ووالدتها الشاعرة عائشة البصري؛حيث استمعنا أنا والشاعر اللبناني شوقي بزيع إلى بعض قصائدها.
تنضوي هذه النّصوص إلى"قصيدة النثر".لكنّها تتفاوت من حيث موضوعها ولغتها.فمدار بعضها على توصيل موضوع وجداني ولغة مأنوسة،فيما يتخلّى بعضها عن الموضوع،ويستبدله ببناء لغويّ خاصّ،أو هو يقوّض"المعنى المنطقي"الذي ينهض على قاعدة الفهم،ويستخدم لغة المعيش واليومي،ويستولد صورا"سريالية" أو هي تذكّر بالسّرياليّين.
كان لا بدّ إذن أن أسلك إلى هذه النّصوص من باب خلفيّ؛كما أفعل عادة: أن أمسك بالخيط الذي ينتظمها. ولكنّه لم يكن أكثر من خيط العنكبوت نسّاجة النّجوم.بل لعلّي لم أمسك إلاّ بشكل تواريها. ومن ثمّ كان عليّ أن أتنسّم ضوءها الدّاخلي أو ما كان يتهيّأ لي أنّه ضوء:أعني الوعي الجمالي بالحاضر.غير أنّي لا استخدم هذا المفهوم البودليري، بمعناه الحرفي،وإنّما أضيف إليه "الإيقاع" من حيث هو الحضور نفسه..
هذه النّصوص متاهة فاغرة, حتّى وهي تحتفل بالأشياء وتسمّيها, ففيها تتقاطع الخطوط وتزدوج أو تمتدّ في هيئات متشابكة مضفورة,أو تنكسر وتنحني وتلتوي.والشّاعرة تؤدّي هذه الخطوط والهيئات في جمل وصور تنفكّ عن النّسق اللّغويّ القائم، فلا مبادرة إلاّ للكلمات, حيث تضطرب في كلّ كلمة كلمة أخرى وتتململ، حيث بإمكان الظلّ أن يمسك الرّيشة ويكتب، أو للّون أن ينتصبَ رفيقا غامضا لأشياء من المحسوسات والمجرّدات.
نصوص تثير بعض القلق في عوالمنا الأليفة وأشيائنا التي استتبّت أسماؤها،وهي تنفذ إلى تفاصيلها،وتقف على محتمل حركاتها،و تتكلّم على إثر ما تقوله اللّغة بصوت خفيض أو بصمت أقلّ.


على هامش صدور ديوانها البكر « أزرق سماوي»
في مديح.. ريم نجمي
محمد جبران
اقترب موعد اللقاء/ فوقفت امام المرآة/ لصنع لوجهي تصميما آخر/عند اللقاء/ كنت أمامه/ لم يعرفني/ أبتعد ثم اختفى/ لم أفضح الا بعد عودتي/ انني نسيت وجهي في المرآة/ مرآة»..بصرف النظر عن الموقف العقلاني، هنا، والمشغول بذبيب أحاسيس الذات كمملكة للعالم، وللاختيار الايجابي المذموغ بالمعنى، بخصوص لقاء غير مفكر فيه: اذا استثنينا بوصلة المرآة وهديها: مشبع بالفراغ، ولمعات تلاوين المراهقة وانفلاتها، فلعل الشاعرة ريم نجمي . وهي بالمناسبة ملاعب طفولة بالقياس الـى دورة طراوة عمرها البكر: لم تنس على صفحة المرآة وجهها فحسب، بأن نسيت، وهذه هي القراءة الضمرة القويمة، مكونات قدرها المدون في اللوح المحفوظ، كمشروع أنثى - شاعرة مشرعة على الاختلاف، قبل ان تصل ضيفة على الدنيا.ولذلك، سوف تعود، حين لا إحباط ولا أحزان عاطفية: هناك إذن نضبح قبل الآوان، يستقيم، ينحو، ويترعرع في رحاب - دوالي فواكه اجمل الكلام - الشعر. اتمثل الشاعرة: ريم نجمي، دون مناسبة، وفيض طاقة جسدها ينادي فيض طاقة جسدها، لهامش مزاولة، وظيفة اللعب، فتنفلت من لذاذات ذوغة تمارين الشعر وحساباته، فتخرج دونما مظلة ولا قبعة ولا حذاء رياضي، وتبسط لملعبها الذاتي وتاريخها الشخصي ملعبا في حجم مستوى اوراقها البيضاء. في حجم قامة قلمها الرصاص وتستحضر عدة ولوازم اللعب: نقط، حروف، كلمات، نفس وشبيهتها. الانا والآخر، الامتداد للأنا والمكرس لها، تستحضر اللعب بالخيال لا المطلق على عواهنه بل المحتكم لخلفيات واقعية.«التقيت بنفسي في المرآة/ قلت لها أنا أنت/ قالت ان كنت انا أنت/ أكيد أنك لست أنت/ مرآة أخرى»..هنا تمويه على مزاولة وظيفة اللعب، كحق مشروط بمستوى عمر معين، بمزاولة، شكل من اللعب أكثر تجدرا وعمقا، من منظور اعتباره مشروط بملامسة مكونات دبيب العالم، من منطلق الذات كمحصلة ونتيجة.ولذلك تهرب الشاعرة، ريم نجمي، من لهفة طاقة جسدها للعب كتزجية للوقت، وتنحت لجسدها ضوا ورديغا على غراره ماهو مدون في اللوح المحفوظ. هي إذن، لهذا النوع من اللعب بالكلمات منذورة وهو لعب على أية حال مشغول بتقويم الادراك والارتقاء بالوعي ومذموغ بغير قليل من المتاعب.هذه الورقة العابر لاتستهدف بالضرورة قراءة مشغولة بالنظرية لديوان: أزرق سماوي، للشاعرة، ريم نجمي، الصادر عن: منشورت الفرات، بل هي أساسا مجرد مديح - مدائح مضاعفة لدم سلالة، ينضب ماء البحر ولا ينضب. تحية لريم ، وما جاورها.
ريم نجمي تحلق شعراً في «الأزرق السماوي»


إبراهيم الحجري

عن صحيفة العرب القطرية

تستفتح الشاعرة الشابة ريم نجمي مشوار امتهانها لحرقة الكلمات إرثا ثقيلا عن والديها الشاعرين حسن نجمي وعائشة البصري بباكورتها الشعرية البكر «أزرق سماوي» تفاؤلا بالعلائق الجميلة التي توحي بها السماء الزرقاء من انطلاق وتوثب وتحرر. وقد استعارت الشاعرة هذا الملفوظ الدلالي الخصب امتثالا لبعدها الرومانسي الذي تحيل عليه السماء في شساعتها وإدهاشها وكبرها وإعجازها للناس، وفي تضمنها للنجوم والكواكب والمجرات العليا، وهي رمز للتطلع للمعالي والطموح البعيد، وأيضا في بعدها الفلسفي المحيل على الغموض والسحر والارتباط بالنزوع العلوي للقيم والتصورات التعبدية وغيرها.. إن السماء المستعارة بأزرقها الرائع تصبح في تجربة الشاعرة، ومغامرتها في الكتابة ملاذا تهرب إليها من ضيق اللحظة، تقول الشاعرة:احضنيني أيتها السماء،ضاقت بي الأرضولم أجد مكانايسع فرحيويتضمن المنجز الشعري الصغير قصائد على أطباق موجزة، لكنها تحمل دلالات كبرى لا تسعها الجمل والعبارات والصفحات، بالنظر إلى إيحائيتها العميقة، وارتباطها بسياقات الدلالة التي تستمر خارج سجوف الكلمات والعبارات، وهي حتما تستمر بأبعاد استفهامية في مخيلة القارئ. وهذا هو المقصود من تكثيف المعنى وحصر العبارة وجعلها أكثر انبثاقا من الكون الشعري الفسيح الذي يراهن على اللقطة واللحظة والسياق الإنساني.ويمكن أن يقودنا التحليل النصي لقصائد الديوان إلى الوقوف على خمس لحظات شعرية:1 - مخاتلة الذات: وهي لحظة حاسمة في التشكل الشعري للشخصية التي تدخل عالم الشعر للعتبة الأولى بدهشة وتخوف من هذا العالم اللذيذ الذي يجمع بين الرهبة والمغامرة في آن واحد. وقد عبرت الشاعرة عن ذلك من خلال مقاطع بشكل واع أو بدونه، تقول:«ككل يوم سبتأحتفي بعزلتي الرائعة.أقترب من نفسيوأقبلها.....ككل يوم سبتأرش الغرف برائحة الحياةلأستعيد حواسي»ص/ ص 46-47ولعل التفكير في التحول الذي يجتاح الذات، والانشغال بمتاهات هذا التحول والانشطار، بولوج عالم الكتابة الشعرية، جعل الشاعرة تعيد صياغة التكوين الذاتي منذ الولادة العسيرة، والطفولة الراحلة، والعلاقة بالوالدين (وابن الشاعر يزداد نصف شاعر كما يقال، بغض النظر عن الموهبة والتمرس والتكوين والتجارب الشخصية).1-1- الولادة المستعارة:تقول الشاعرة:«هو يوم صاخب:صوت المطر،أجراس الكنائس،بكاء أمي،وصرختي الأولى.....................................لذلك،ما زلت أستشعر آلام المسيحمساميره في يدي»ص/ ص 40-41.إن استدعاء مرحلة الميلاد الخاصة تصحب بلحظة ميلاد قديمة، هي لحظة صلب المسيح، أو الاعتقاد بذلك، علما أن الكتب السماوية نفت ذلك، لكن الحدث كان بالنسبة للمسيح بداية ميلاد آخر، ينتقل من خلاله صوب الملكوت الأعلى لتدشين حياة سماوية بعيدا عن مضايق الأهلين، وانحصار الأرضين. لحظة ميلاد الشاعرة استعارة دلالية ممزوجة بطعم الأسطورة، مقترنة بالألم والصراخ: صراخ الأم، صراخ الأنا، صلب المسيح... وكل مؤشرات تعزز طاقة الألم المحسوس أثناء ولادة معنوية هي ولادة الشاعرة التي لها من الألم واللذة ما يضاعف الميلاد الفيزيولوجي.2- لحظة الانمساخ:في هذه المرحلة تفارق الذات ذاتها، وتصنع مسافة بين الذات والذات الأخرى لترى الأشياء بعين الحياد، وهي لحظة أساسية في طريق تشكل الذات الشاعر التي يفترض فيها أن تشعر بالآخر، وتتقمصه بعيدا عن التعصب لرغبات الذات ونزوعاتها، تقول الشاعرة:«انكسر وجهي في المرآةفاتكأت لأشرب صورتي»ص 61.3 - لحظة الحزن: هي لحظة مصاحبة لزمن دخول الكتابة، إن لم تكن الوازع لدخولها، فالكائن الشاعر يحظى بنفسية مغايرة، نفسية حساسة تجاه الأشياء، وشخصية رهيفة الإحساس. لذلك فالشاعرة لا تطيق تحمل ما يحدث في العالم من فظائع، فترى الحزن ديدنها، والبكاء ميسمها، والألم إحساسها البين. تقول الشاعرة:«لأن حياتي مزهرية،تختزن البكاءكانت أيامي ذابلة»ص 63.وتقول أيضا بضمير الغائب هاته المرة دلالة على المسافة المذكورة سابقا بين الذات والذات الأخرى، بين الوعي واللاوعي، وما هاته الذات الأخرى سوى صورة للذات نفسها، الذات المعذبة بحياة الآخرين، ومآسيهم، تقول:كانت ابتسامتهاجسرا بين نخلتين.أرهقتها خطوات الندى،وسعال الشمس عند المغيب.فاشتهت البكاء» ص 66.وتقول أيضا:توسدت كفي،داعبت شعري،وقصصت على نفسي حكاية، وبكيت»ص 45.4 - لحظة الألم: تشكل هاته اللحظة نتاجا حقيقيا وفعليا لكل ما مضى من اللحظات: الألم الولادة، الألم الذات، الألم التحول، الألم الانتشاء، الألم الكتابة، الألم الفرح... كل شيء لا بد أن يحضر فيه نصيب من الألم، لذاك فهو عنصر دلالي استراتيجي في بناء ليس القصيدة الشعرية فحسب، بل أيضا في بناء التجربة ككل ووسمها بالطابع الخاص بها. تقول الشاعرة بهذا الخصوص:ألم في القلبشيء ما في الحلق،وفي الظهر طعنة........................أدخلت يديفي جسدي،لأرتب هذه الفوضى،فاختلطت أوجاعي»ص 60.5 - لحظة الكتابة: الكتابة تشكل هنا، وفي أي معطى إبداعي، ذاتا وموضوعا، فبالأحرى، هنا مع ريم نجمي، لأنها العتبة، ولا بد للعتبة أن تحتضن سؤال التجربة، بيضة تشكلها الجنيني، السؤال المشرع على الآفاق الملغمة. وكان طبيعيا أن تومئ التجربة إلى طبيعة تكونها: سؤال الرداءة، سؤال الهوية الكتابية، سؤال الجنس الأدبي.... ويحضر الأب بوصفه الملاذ والحاضن والمرجع والداعم في أكثر من مرة. وقد اتخذ في المتن قصيدتين مستقلتين تحت عنوان «أبي» و «أبي مرة أخرى»، تقول:هو ذا أبييقطف الجراح في الممشى،حتى إذا تجولت في الحقوللا تدميني الكلمات»ص 50.وقد انتقدت الشاعرة الاحتفال بالرداءة في الشعر، داعية إلى تهذيب المواهب وصقلها، ودعم التجارب الجيدة، ساخرة من كل من سولت له نفسه الاستهزاء بالكلمات والحروف التي لها شأن كبير، تقول هازئة:راودته قصيدتهفي المرحاض،فاشتهى كتابتها...................في الأمسية الشعريةالتصقت الأكف بالأنوف،كانت القصيدة نتنة.ص 91.ولم تنس ريم أن تذكر إشكالاً طالما أرّق القصيدة نفسها، ألا وهو هروب المعاني، وشطحها المفارق أحيانا، أضف إلى ذلك أنها تنتقد القصائد التي تفرغ من المعنى الحقيقي المرتبط بالإنسان، إذ لا قصيدة بدون معنى، فهو الجوهر الذي لا محيد عنه، وهو السر في اكتشاف الحروف والكلمات. تقول ريم:تجرد من أبجديته الوردية،وكتبني بحروف مسمومة،ولأنني من سلالة الكلمات،لم يعد لي معنى»ص 87.لقد كانت البداية، وقدر البداية أن تدون بالدم والكلمات والمعاني، لذا فهي الأصل، وإذا ما قوي الأصل، دون شك سيكون للفروع امتداد في سماء الاختيار الذي كتبته الشاعرة ريم نجمي لمسارها الطويل والشاق حتما.


" ظلال الأرز في وادي النيل"





صدر مؤخرا عن دار الفارابي ببيروت كتاب " ظلال الأرز في وادي النيل" للكاتب المسرحي والصحفي العربي اللبناني فارس يواكيم.يتناول الكتاب سيرة عدد من الشخصيات اللبنانية التي عاشت في مصر، وساهمت في الحياة الثقافية والإعلامية فيها.خصوصا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وطوال القرن العشرين.
ليس من قبيل المصادفة أن يستهل الكاتب هذا العمل بتخصيص فصل عن المساهمة اللبنانية في مجال الصحافة والنشر المصريين. ذلك أن هذه المساهمة كانت أساسية بشكل لافت، إن لم نقل إن الصحافة المصرية أسسهها وأرسى قواعدها الأولى صحفيون لبنانيون. فنكتشف من خلال الكتاب أن نشأة مؤسسات إعلامية كبرى كمؤسسة الأهرام ودار الهلال ومؤسسة روز اليوسف ودار المعارف... كانت على يد لبنانين وجدوا في مصر تربة صالحة لإنتاجهم ومناخا منفتحا على أفكارهم وتطلعاتهم الثقافية.وأذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر سليم وبشارة تقلا وجرجي زيدان وفاطمة اليوسف الشهيرة باسمها اللامع روز اليوسف ونجيب متري...
وفي فصل آخر من الكتاب يتناول فارس يواكيم حياة شعراء وكتاب لبنانيين أغنوا الساحة الثقافية المصرية والعربية أمثال ابراهيم اليازجي وخليل مطران وفؤاد حداد ومي زيادة...وفي هذا السياق الأدبي نستشف من خلال الكتاب أن أهم الأدوار التي لعبها المثقفون اللبنانيون ثقافيا،يتجلى في ترجمة الأعمال الغربية ونقلها إلى اللغة العربية،إذ نرصد من خلال المسارات التعليمية للبنانيين الذين استوطنوا في مصر،حرصهم على تعليم أبنائهم اللغات الأجنبية وفي مقدمتها اللغة الفرنسية .
لم يغفل الكاتب تناول الشخصيات التي أثرت المشهد الفني في مصر.فنجد أن أهم الاسماء الرائدة في المجال الفني المصري كانت أسماء لبنانية كجورج أبيض أحد رواد المسرح العربي وآسيا داغر المرأة التي أخذت على عاتقها مهمة الانتاج السينمائي المصري بعد أن ساهمت في السينما المصرية أيضا كممثلة رائدة. يوسف شاهين المخرج الذي لطالما عرفناه مخرجا مصريا بامتياز نكتشف أنه أيضا ذو أصول لبنانية زحلاوية.
في هذا الباب، قد يستغرب القارئ عدم ورود أسماء فنية كبيرة لبنانية اشتهرت في مصر كالمطربة صباح و المطربة نور الهدى،غير ان الكاتب يبرر هذا الاستبعاد في مقدمته بكونه لم يتناول في كتابه الشخصيات التي كانت مساهماتها الابداعية مؤقتة في مصر وعادت لاستكمالها وترسيخها في بلدها الأصلي لبنان.
خصص الكاتب كذلك فصلا صغيرا لمناضلين سياسيين ساهموا في تثبيت الخطى الأولى للفكر الاشتراكي في مصر،ولعل صغر هذا الفصل راجع الى غياب أسماء لبنانية في هذا الباب، وذلك بسبب عدم رغبة أغلب " الشوام" في الخوض في السياسة.
ورغم ان الغرض الرئيسي للكتاب هو تناول سير شخصيات لبنانية ساهمت في النهضة الثقافية المصرية،نجد ان الكاتب حرص، ومن خلال هذه الشخصيات،على أن يؤرخ لفترة مهمة من الفترات التي عاشتها منطقة الشرق الأوسط في نهاية القرن التاسع عشر و وخلال القرن العشرين.ورصد مختلف النقاشات الفكرية والثقافية التي كانت سائدة في تلك المرحلة. فنجد على طول صفحات الكتاب إشارات وشروحات لأحداث وثورات حدثت آنذاك.
كما يمكن ان نعتبر الكتاب أنطولوجيا مصغرة لأعمال هؤلاء المبدعين،حيث حرص الكاتب أيضا في تناوله لعدد من الشخصيات على تضمين السير لمقتطفات من شعر و نثر و مقالات فكرية كتبها هؤلاء الأعلام.
فارس يواكيم الكاتب اللبناني الأصل والمصري النشأة كذلك، كانت له معرفة شخصية ومباشرة بعدد من الشخصيات التي تناولها في كتابه كما أكد هو نفسه ذلك،غير أننا لم نلاحظ من خلال قراءتنا للكتاب استثمارا لهذا العنصر،اذ لم يتحدث الكاتب في تناوله لسير هذه الشخصيات عن علاقته الشخصية بهم.ربما حرصا منه على موضوعية العمل والتشديد على الطابع الأكاديمي ليبقى العمل وثيقة علمية محضة.
و حرص الكاتب في نهاية كتابه على التأكيد على أن اللبنانيين في مصر لم يشكلوا نوعا من التكتل القبلي أو الشوفيني، بل وُلد الاختلاف أيضا داخل دائرة ما يصطلح عليه بالشوام، نتيجة للاختلاف السياسي و الاختلاف الثقافي وأحيانا لخلافات شخصية لأبناء المهن المشتركة.
ويَعِد الكاتب في الأخير باستمراره في الاشتغال على نفس الموضوع مع توسيع دائرة البحث والانتقال إلى رصد الشخصيات السورية والفلسطينية التي ساهمت كذلك في النهضة الثقافية المصرية.ونظن أن هذا النوع من التأليف في الساحة الثقافية العربية يمكنه أن يسهم في توفير إمكانية مضافة لفهم طبيعة النسيج الفكري والابداعي المصري الغني،وربما النسيج العربي ككل.ولعل مثل هذا العمل البيوغرافي، بل المونوغرافي أيضا،يتيح للباحثين والمهتمين أفقا جديدا لذلك التخاطب الحضاري والثقافي بين الأقطار العربية الشقيقة حتى لم يكن ممكنا التمييز بين الجنسية القطرية لهذا أو ذاك كما هو الشأن اليوم بكل أسف.( ولنا ان نستحضر هنا على سبيل المثال فقط رد فعل بعض الأوساط الفنية في مصر تجاه تألق الفنان العربي السوري جمال سليمان في أحد المسلسلات التلفزيونية المصرية !).
ويبقى أن أشير إلى أن هذا الكتاب صدر بتزامن مع كتاب آخر قام بترجمته فارس يواكيم عن الالمانية.ذلك الكتاب العميق والجميل للشاعر الألماني يواخيم سارتوريوس "الاسكندرية سراب" حول الحضور الأسطوري لمدينة الاسكندرية المصرية في التراث الأدبي و الفني الانساني،من ابن دقماق وابن جبير الى يوسف شاهين وادوارد الخراط (لسبب ما، نسي سارتوريوس النصوص الروائية الأساسية حول الاسكندرية للروائي المصري الكبير ابراهيم عبد المجيد)،مرورا بأسماء وازنة في الأدب العالمي الحديث من أمثال فلوبير،كفافيس ،مارينيتي،أونغاريتي، اندريه جيد،لورانس داريل،سفيريس وآخرين.
ولم تكن مجرد ترجمة الى العربية،كانت محاولة موفقة لإعادة كتابة عمل سارتوريوس في اللغة العربية.كأنه تأليف للتأليف السابق. وهكذا تنجح جهود الترجمة عندما ترقى الى مستوى المسؤولية.

ريم نجمي

الشاعرة المغربية ريم نجمي تتحدث لـ (الزمان)عن أزرق سماوي:
أبطال الأساطير يعيشون داخل المرآة
أجرى الحوار: عبد الحق بن رحمون

ريم نجمي شاعرة مغربية ذات الـ: 22 ربيعا، ولادتها وحبوها وطفولتها كانت كلها في ساحات ومهرجانات الشعر، من هنا تولَّد فيها هاجس عشق الشعر، والإنصات له، ومن هنا كتبت خربشاتها الأولي.هل هو الجو العائلي الذي ساعدها لتكون شاعرة، سيما أن والدها حسن نجمي شاعر، ووالتدتها عائشة البصري شاعرة، ومعلوم أن ابن البط عوام، ويجيد السباحة في بحور قصيدة التفاصيل، كما في حالات الأشياء الصغيرة. لذا عند صدور باكورتها الأولي: "أزرق سماوي" استقبلت الأوساط الثقافية عملها الشعري بحفاوة، وكتب النقاد عن هذه التجربة الواعدة، وليس ذلك مجاملة، وإنما لأن العمل الشعري الذي تناولوه بالدراسة والتحليل، يستحق التشجيع والتنويه، ومن ثمة نالت ريم نجمي وسام الانضمام إلي كوكبة الشعراء المغاربة والتوقيع علي جمرة الشعر، لتحملها في كفها، ملتهبة، متوسلة أن تكون لها بردا وسلاما.وريم نجمي شاعرة شابة، لها طموحها في كتابة القصيدة، كما لها طموح لتكون إعلامية ووجها بارزا في مهنة المتاعب والمصاعب، وإلي جانب ذلك فهي هاوية حد الجنون لتعلم عدة لغات قراءة وكتابة. ونلتقي مع ريم نجمي في هذا الحوار المشوق والجريء الذي تكشف فيه لـ: (الزمان) عن إعجابها الشديد بوالدها الشاعر حسن نجمي، ومدي تأثيره فيها، وفضله عليها في إنارة طريق الشعر لها. هذا الطريق المحفوف بالورود وغير ذلك، إذ بالموهبة والجهد والطموح يتحقق كل ما تطمح إليه. وفي هذا الحوار تكشف لنا أسرارها وانشغالاتها بكل تلقائية، وجرأة متناهية وشفافية مثل " أزرق سماوي"، وبذلك ستعترف أن انشغالاتها مع الورق هي فقط للأفكار التي تأتي علي غفلة، وذلك في حالة ما إذا لم تتوفر لها الظروف للإختلاء بكومبيوترها العزيز. وقالت: تعجبني الكلمات وهي مضاءة ومصففة علي الشاشة. لكن مع ذلك لدي إحساس أني جئت في العصر الذي لا يلائم اهتماماتي وأذواقي التي تبدو أنها مختلفة تماما عن أبناء جيلي.وفيما يلي إليكم متابعة ممتعة مع هذا الحوار:











· ريم متى كانت ولادتك مع الشعر ؟

أظن أن ولادة الشعر لحظة مبهمة وضبابية في حياة الشعراء.فقد لا يستحضرون بالضبط أول قصيدة كتبوها.لكني -بخلاف ذلك- مازال مشهد القصيدة الأولى واضحا في ذاكرتي:كنت في الخامسة من عمري عندما قلت لأبي إني أرغب في كتابة قصيدة مثله عن إحدى الشخصيات السياسية المغربية، التي خلقتْ الحدث في تلك الفترة(1992)، فأمسك أبي بالقلم ودوّن الكلمات والجمل التي قلتها له بلغة عربية فصيحة. ربما كان في ذلك الفعل رغبة من طفلة في تقليد الأب أكثر منه اختيارا شعريا. منذ تلك اللحظة لا أذكر أني تخليت عن فكرة الكتابة. سكنني الشّعر في كل المراحل.لليوم مازلت أحتفظ بدفاتري القديمة بأوراقها الصفراء، وفيها قصائد كتبتها عن معلماتي وعن صديقاتي المقربات وعن الطبيعة...وغيرها من المواضيع التي يمكن ان تشغل طفلة في ذلك السّن. فصاحبتني هذه العادة الجميلة إلى أن كبرتُ وكبرت معي قصيدتي.

·
قصائدك في ديوانك " أزرق سماوي " على شكل شذرات ، لماذا هذا التقتير في الجمل الشعرية ؟
ربما لم يكن ذلك اختيارا إراديا. ينبغي أن أعترف أن لحظة كتابتي لقصائد ديوان "أزرق سماوي" كان لي نفس قصير في الكتابة.أضف إلى ذلك أني أخاف من الحشو اللغوي و أفضل أن أوصل المعنى بأقل الكلمات.كما أحرص على الاشتغال على القصيدة بعد الكتابة الأولية. بمعنى أني أقوم بعملية تشذيب وشطب للجمل الشعرية التي أرى أن وجودها داخل القصيدة لن يضيف أي جمالية لها، وأترك في الأخير الجمل الشعرية القوية. وقد لاحظتَ في الديوان وجود قصائد عبارة عن جملة شعرية واحدة... في الأصل كانت تلك الجمل جزءا من قصيدة طويلة، وبعد دخولها المطبخ الشعري، صارت ما هي عليه في الأخير.وقد وجدْتَنِي هذه الأيام مسكونة بهذا السؤال بالذات: ففي ديواني الجديد -الذي أنا بصدد تحضيره- تخليت شيئا ما عن هذا التكثيف اللغوي،وصرت أكتب قصائد طويلة مقارنة بتلك التي كتبتها في السابق.ولا أخفيك أني أعاني من أنانية الشاعر الذي يتمسك بكل كلمة في قصيدته ،وخائفة أيضا من هذه المغامرة الجديدة أيضا.

· أعلم أن دراستك اتجهت إلى الإعلام ... ألا تعتقدين أن ذلك سيشكل لك نوعا من الابتعاد من الكتابة الإبداعية والتي تحتاج لأن توضع على نار هادئة تحت الجمر

لا أعتقد ذلك، الأمر يتعلق في الأول والأخير بفعل الكتابة رغم الاختلاف في الطريقة.كما أني أؤمن أن هناك أشياء لا يمكن التعبير عنها من خلال القصيدة، ويكون من الأفضل أن تُكتب على شكل نثر.أظن أن الإصرار على تحميل القصائد أكثر مما تحتمل يُفسد الشعر...شعراء كبار اشتغلوا في الصحافة او على الاقل أسهموا بجزء كبير في الكتابة الصحفية إما من خلال أعمدة أو مقالات نقدية.ولا أعتقد أنه من الصدفة أن الكثير من الشعراء والكتاب يحترفون مهنة المتاعب.ما يمكن أن أقول إني أتمنى أن تتغذى كتابتي الصحفية من تقنيات الكتابة الشعرية.ويبقى الأهم أن يكون النص جيدا.


· ريم ولدت في بيت شعر ، الأب شاعر والأم شاعرة ، طيب ، هذا لايمنع من أنك تأثرت بهما وتسيرين على نهجهما، لكن هذا لا يمنع لكي يجعلك تثورين في البحث عن ناصية حداثة تتماشى مع طموحاتك في طريقة عيشك في الحياة والكتابة ؟

طبعا لا يمكن ان أستبعد أني تأثرت بوالدي معا...وربما بأبي على الخصوص وبأحاديثه الدائمة عن الكتابة الشعرية، ولا أخفيك أني كنت كثيرا ما أسترق السمع لما يقوله في أحاديث ثنائية مع شعراء آخرين أو في نقاشات جماعية عن قصيدة النثر الناجحة والمعايير التي تحددها.مثلا كون العبارات الجاهزة تقتل القصيدة،والاهتمام بالخاتمة أوبالجملة الشعرية الأخيرة ،و الابتعاد عن القصائد الخطابية والسياسية المفتعلة...وغيرها من الأفكار التي كنت أختزنها في ذاكرتي الصغيرة واستحضرتها مرارا أثناء كتابتي للقصيدة.أما ما قلته عن إمكانية البحث عن طريق جديدة في الكتابة بعيدا عن الأب والأم،فأنا أعتقد أن كتابتي الشعرية بعيدة عن تجربتي حسن نجمي وعائشة البصري، فلم يشرأي ناقد- لحد الان- ممن تناولوا مجموعتي الشعرية بالدراسة بأن هناك تقاربا أو تشابها بين قصائدي وتجربة والدي الشعرية.تبقى فقط بعض التعليقات الشفوية أوالدعابات التي تصر على أن قصائدي ربما تشبه قصائد أمي أو ربما تشبه قصائد أبي .وعلى كل حال أتمنى ان أصل إلى مكانتهما.ولكي أكون صريحة معك:حسن نجمي أكثر حداثة مني.

·
إنك في قصائدك مشغولة كثيرا بميكي ماوس وحذائك. هل هناك أشياء أخرى تأخذ من تفكيرك المشاغب ... بعيدا عن القضايا الكبرى والتي يراها البعض استهلكت في الشعر العربي ؟

المرايا.كثيرا ما تشغل المرايا بالي ،سواء في الكتابة الشعرية أو حتى في الحياة. المرآة رغم أنها فضاء ضيق في الواقع الملموس،الا أنها تعطي للقصيدة فضاءات واسعة للأفكار الشعرية الجميلة.عندما كنت طفلة اعتقدت دائما أن هناك حياة أخرى داخل المرآة لا ندركها. اعتقدت كذلك أن أبطال الأساطير والقصص التي كنت أقرأها يعيشون داخل المرآة... مرارا كنت ألصق وجهي بالمرآة لأمعن النظر خاصة على جوانبها، علني أحظى بفرصة لقاء ملك الغابة أو" بياض الثلج" وأقزامها السبعة.



· وأنا أقرأ قصائد ديوانك أراك مثل سنونو أو مثل طائر مهاجر، لا يستقر في مكان واحد... شديد السفر ، هل تلك الفضاءات التي ذيلت بها قصائدك هي من ألهمتك ، وتركت فيك عطر ذاكرتها ؟


ربما يكون انطباعك صحيحا،أكيد أن بعض الأمكنة لا تؤثر فقط في النفس، بل تلامس القلب أيضا.السفر في حد ذاته يفتح للشاعر وللإنسان عموما أفاقا جديدة،ويرشده إلى أبواب داخل روحه لم يكن هو نفسه يدركها.لكنني شخصيا لم أشعر أن الأمكنة التي كتبت فيها قصائدي كانت هي من قادتني لكتابة تلك القصائد،بل أؤمن بأن الأمكنة هي الأشخاص الذين يتواجدون فيها.التواصل الانساني هو الذي يعطي للأمكنة ذلك الدفء و ذلك السحرأو على العكس تعطي البرود والنفور.العام الماضي قضيت في ألمانيا أربعة شهور، كتبت خلالها قصائد بوثيرة لم يسبق أن كتبت بمثلها من قبل.لكن اذا قرأتَ هذه القصائد لن تدرك -إن انا لم أذيلها بالمكان- أنها كُتبت في ألمانيا. أحاول شيئا ما أن أبتعد عن القصائد السياحية.

·
بودي أن توضحي للقارئ في ما تفكرين فيه، سيما أنك من جيل جديد ( الألفية الثالثة) له أفكار وأحلام تشبه إلى حد كبير مستقبل العالم الذي صار الآن مثل الضغط على زر الحاسوب ؟
طبعا لي الحظ أني أعيش عصر وسائل الاتصال المتطورة والمتنوعة. أفكر باستمرار كيف كان للإنسان أن يعيش دون أنترنيت أو هاتف محمول. شخصيا أكتب قصائدي ونصوصي مباشرة على الكومبيوتر،حتى أني خلقتُ معه ألفة وعلاقة حميمة. يبقى الورق بالنسبة لي فقط للأفكار التي تأتي على غفلة، أو في حالة ما اذا لم تتوفر لي الظروف للإختلاء بكومبيوتري العزيز.تعجبني الكلمات وهي مضاءة ومصففة على الشاشة. لكن مع ذلك لدي احساس أني جئت في العصر الذي لا يلائم اهتماماتي وأذواقي التي تبدو أنها مختلفة تماما عن أبناء جيلي.حتى أني لم أشعر أبدا أن برامج الشباب في التلفزيون تخاطبني. وعندما أقوم بمحاولات "للإندماج" أشعر وكأني مفتعلة أوأمثل دورا لا يناسبني.لذلك لا أعتقد ان أفكاري شبيهة بما يفكر فيه الشباب اليوم.عندما يكون الحديث عن أفكار و أحلام الشباب ، أجدني لا أملك أية أفكار في هذا الباب.أفكاري في مكان آخر.

الاثنين، 3 غشت 2009

صُراخ


صراخ

في هَذِهِ اللَّحْظَةِ العَارِيَةِ.
سَأُعَلِّقُ جَسَدِي
عَلَى شَجَرَةٍ.
تَوَرَّمَتْ الزُّهُورُ فِي حَدِيقَتي
وأُرِيدُ أنْ أكُونَ
أكْثَرَ عُلُواً مِنْ صَوْتِكَ.




فراشات


إلى سيلفيا بلات



سيغفرُ الله
انتحار الشُّعراء - الفراشات،
الذين أغرتهم النهاية المضيئة
فلوَّنوا أجنحتهم بلهب الموت.

بالنسبة إليه
ليست هناك خطيئةٌ
أكبر من قصيدةِ شاعرٍ
بَهَتَتْ لُغَتُهُ مِنْ كَثْرَةِ الاستعمال
.
قشور




أُسْبَحُ فِي دَمِي
عميقاً،
لأكْنُسَ عُرُوقِي -
قُشُورِ الحُب تراكمت.

مُرُوراً بالقلب،
كان ينبغي أن أدْخُلَ-
أحَدُهم غَادَرَ المَكَانَ
ونَسِيَ أن يُطْفِئ الضَّوْء.




الحائط




عِنْدَمَا دَغْدَغَتِ الرِّيحُ
الحَائِطَ الحَافِي
سَقَطَتْ المِرْآةُ.
انْشَطَرَتْ ضِحْكَتُها.

لِحُسْنِ الحَظِّ
لَمْ أكُنْ أنَا تِلْكَ
الّتِي فِي المِرْآةِ
.