« أزرق سماوي » أول ديوان شعري لريم نجمي.. جدول رقراق من نبع عين صافية
ل. العسبي
ل. العسبي
جاءتني رسالة البارحة، لا اسم فيها لباعثها، ربما كي تحقق المراد أكثر في المفاجأة الجميلة. فتحت الرسالة، كي أجد كلمات طيبة في حقي، مرفوقة بديوان شعر.. ممن؟!، من شابة، أكاد أعرف تفاصيل نموها الوئيد الهادئ في الحياة منذ رأت النور، فكانت سعادتي بلاضفاف، مثل السعادة التي تكون لأب بإزاء ابنته. فهاهي ريم نجمي، إبنة الشاعرين الزوجين، رفيقي درب بعضهما منذ ذاك الزمن الجميل لكراسي الدراسة بإحدى ثانويات مدينة ابن احمد في نهاية السبعينات من القرن الماضي، حسن نجمي وعائشة البصري، تكتب إلي رسالة كي تقدم لي... ديوانها الشعري الأول، الذي اختارت له عنوان « أزرق سماوي ». هاهي ريم نجمي، تلك الصغيرة التي لا تزال صورتها عالقة بخيالي وهي في طريقها إلى مدرسة « البوسيني » التي تأسست بالدارالبيضاء سنة 1923، كبرت خلسة ونضجت وأصبحت تسبح في ذات بحر الكلمات التي أحسن ولداها السباحة فيها، وأصدرت ليس قصيدة واحدة، بل ديوانا شعريا جميلا، هو أول الخطو في مسيرة منذورة لأن تطول، خاصة بعد أن أصبحت ريم هادئة، صموتا، تتأمل العالم من مسافة إبداع خاصة، منذ ولجت إلى عالم الدراسات العليا في مجال الصحافة ( ذلك القدر الآخر الجميل الذي اتبعت فيه « حرفة والدها »، ليس لتكرر ذات تجربته بالضرورة، بل لتخلق قدرها الخاص فيها. القدر الذي قادها إلى أن تحوز بجدارة فرصة تدريب خاص بأكبر جرائد مصر والعالم العربي، يومية « الأهرام » القاهرية ).ديوان « أزرق سماوي » الذي أنجز غلافه الفنان التشكيلي المغربي عبد الله الحريري، والصادر ضمن منشورات الفرائد بالرباط، مهدى من الشاعرة إلى والدها حسن نجمي، كي تقول من خلال ذلك كل شئ. لأن الأب بالنسبة لابنته، ليس فقط ذاك الذي تعجب به، بل هو النموذج في الحياة وفي الإبداع، وهو الأستاذ الذي لا يجامل ولا ينسى كيف يحنو وكيف يبني المعاني الجميلة في خاطرها. وقصائد ريم نجمي، هي من ذات تجربة قصائد الهايكو اليابانية القصيرة، الشديدة التركيز والقوية النفاذ. لنقرأ هذه القصيدة نموذجا، التي هي بعنوان
« عطش الماء »:لا تجرد الماء من براءته
قد يعطش فيك الطفل،وتشيخ قطرة قطرة،
فيتبخر عمرك في جب لن تمر به السيارة..